(الخصام)بقلم:أ. عبد الحكيم العبسي

الأكاديمية السورية الدولية للثقافة والعلوم

"الخصام"

تحدث في الغالب خلافات بين الأحبة والأصدقاء إن لم تكن دائماً، كما أن هذه العلاقات بين الأحبة والأصدقاء ليست دائماً متشابهة بل هناك فرق شاسع بين الذي يتركك فريسة لأوجاعك وأحزانك، وبين من يأتي إليك وأنت في قمة أو ذروة الخصام ليخفف عنك ويهون عليك ويحاول تهدأتك، وهناك فرق شاسع بين حبيب نام وتركك تتقلب على نار وحر الخلاف، وبين الذي يأتيك آخر الليل ليقول لكَ: "ضع خصام النهار جانباً، لن أتركك تنام وفي عينك مجرد دمعة وفي عقلك فكرة تؤرقك وتسلب منك نومك".

ففي باطن كل إنسان إضاءة تسمى “ضمير” إن أبصرت دعمت صاحبها بالحياة، وإذا تلاشت فلا حياة. والواثقون في صداقتهم لا تهزهم لحظات الخصام، بل يبتسمون عند الفراق، لأنهم علي يقين أنهم سيعودون قريباً.

اجعل في حياتك حفرة صغيرة ترمي فيها أخطاء أصدقائك، المهم أن تنسى أيضاً مكان الحفرة، حتى لا تعود إليها في لحظات الخصام.

وتعد أوقات الخصام بمثابة اختبار للمحبة والصداقة بين البشر، هناك من يخاصمك ويهدم كل ما كان، وهناك من يخاصمك ولا تزيده الخصومة إلا حباً ومعزة لك.

صدقني عزيزي القارئ والمتابع لا شيء يستحق الاهتمام، ففي الخصام دائماً من ينهزم هو الأكثر حباً لا الأقل حجماً، اللوم والعتاب المستمران يميتان لذه كل شيء حتى وإن لم يكن بقصد. فالتغافل يفتح القلوب لا الاهتمام لذا لا تعطي الأمور أكبر من حجمها وإجعل لكل شيء منفذ للبوح، بل اجعل له منافذ عديدة لا تجعله منفذ واحد اجعله سطراً تحتضنه بعض الأحرف أو حتى كورقة يغازلها قلم ثم اعتذر عن الخطأ قل آسف قل المعذرة. ليكن تصحيحك للفعل الخاطئ بلسماً شافي ودليلاً على نبل أخلاقك وأملاً تزرعه في قلوب من هم حولك. فالكلام الجميل مثل المفاتيح تفتح القلوب.

فحقيقة الحب ومعدنه لا تكشفها إلا المواقف الكبرى التي تعصف بالعلاقة، وهي ما تثبت مدى قوتها ومقاومتها لصدمات الحياة.

فما أجمل أن تصمت في وجه من ينتظر منك الخصام، وما أجمل أن تضحك في وجه من ينتظر منك البكاء.

د.عبدالحكيم عبدالجبار العبسي