شذى الأقحوان المعلم. حربٌ كونيّة

حربٌ  كونيّة
.........  ....

كنتُ  خلفَ  طاولةِ  مكتبي  أحاولُ  توثيقَ  فصولَ  المواقفِ والمِحَنِ .
تَتَشبّثُ صَفحاتِ  الورقِ بالقلمِ كما يمسكُ الطفلُ طرفَ ثوبِ أمِّهِ خشيةَ ابتعادها   .

لمْ  يكنْ  المكانُ مهيَّئاً  لهذا الزائرِ  الغريبِ  إذ  رأيتُ  قربَ الكتابِ  كائنا  صغيرا  يشبهُ  العنكبوتَ  .
همستُ في سرّي :
-  ليسَ وقتِكِ الآنَ ثمةَ أفكارٌ تتوهجُ في اللبِّ وتغلي كأنها حممُ بركانية . .

العالمُ  مليءٌ  بالقصصِ الحياتيّةِ  التي تُبكي الحجرَ 
تكاد تضيق البيوت بالكآبة  والنوافذ  آمال غدٍ مهدورةٌ  دماؤهُ  . 
اعتلتْ الإنسانيّةُ  صهوةَ  الضّميرِ  ثمَّ  بدأتْ بالشكاوي 
غيرَ  أنّ  صوتَها  أسيرُ  المادةِ  والمصالحِ  فآثرتْ التأوهَ بصمتٍ .

إنها متعتي المحببةِ  حينَ  أمسكُ بالقلمِ بعيداً عنْ ضجيجِ  يومي و إرهاصاتِ المشاغلِ   علّها  كلماتي تخرجُ  كما رصاصةٌ  منْ  بندقية .

سمعتُ  صوتاً  يقتربُ  مني . بدا   وكأنه  صوتُ  استغاثةٍ  ، صوتٌ  رهيبٌ  بكلّ لغاتِ العالمِ  . 

رأيتُ العنكبوتَ  يقتربُ منّي  وقد اتّخذَ  شكلاً   مرعباً  لا يشبهُ شكلَه الأساسي . حدّقَ بي قائلاً :
-  ألستِ  خائفة ؟ 
قلت له متسائلة  : منك ؟  لا  لستُ  خائفة . 
 نظرَ متفحصاً وجهي وأردفَ : 
-  أبداً .
-  أبداً. أبداً . لديّ  من المبيداتِ والمعقماتِ مايكفي للقضاء  عليكَ . ومع كل التطور التكنلوجي لنْ تقدرَ حضرتُكَ أن تفعل شيئاً  .
ضحكَ ضحكةً ساخرة  وقال :
-  لن تقضي عليّ .. حينَ  يتخلصُ  الكونُ  في عام  2020   من الانسان الطماعِ الذي  يأكلُ  كالنارِ  ولا يشبع . الانسانُ الذي  يقتلُ أخاهُ  دون رحمة. ونسيَ ربّه الذي أمرهُ  بالمعروف ونهاه عن المنكر . حينها فقط سيكون موتي . 

كان ضجيجُ الاصواتِ المستغيثة  يتسرب من  الماضي  وينشرُ  وجعَه في الحاضر ِ  . تركتُ أوراقي الفارغة تنصهرُ  بأوراق التقويمِ  ومشيتُ  في دروبٍ  ناءتْ بخطواتِ البشرِ  فأعلنتْ حظرَ التجول . 

لم أنتبه إلا والمكانّ قد  امتلأَ  بالرذاذ   والمعقمات  والضباب وأشياء أخرى  جعلتني أسعلُ  سعلةً جافة . وانتشرَ الوباءُ  فقد أصبحَ العالمُ قريةٍ صغيرةً  اسمها  " كورونا "

.....
شذى الأقحوان المعلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا ‏سيدة ‏الجمال ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏// ‏ ‏ ‏ ‏ ‏بقلم ‏الشاعر ‏لؤي ‏الشولي ‏

أيقونة الصباح // بقلم الشاعرة منيرة سلمان تفوح

ما حيلة المشتاقِ/بقلم الشاعر د علاء الدين آله رشي