العلمانية والدولة/بقلم:أ.غسان عبد الله

الأكاديمية السورية الدولية للثقافة والعلوم

العلمانية والدولة:
لفظة العلمانية بفتح العين مشتقة من العلم أو الدنيا؛ فتكون الدولة العلمانية تبعا لذلك هي الدولة الدنيوية وليست دولة الدين؛ ولفظ العلمانية بكسر العين مشتقة من العلم ؛ فتكون الدولة العلمانية هي دولة العلوم وليست دولة الدين..
ويلاحظ أن بين اللفظين جناسين : جناس لفظي ظاهر في تشابه الحروف ؛ وجناس معنوي في أن كليهما ينفيان أن تكون الدولة دينية؛ هذا هو الجناس المعنوي السلبي ؛ وهناك جناس مفهومي إيجابي عميق هو أن الدولة العلمانية هي الدولة العلمانية من حيث أنهما يقومان على مبدأ واحد ألا وهو مبدأ الإنسان في هذه الدنيا ؛ وما يتبعه من علوم ؛ وتكون النتيجة هي أن الدولة العلمانية هي الدولة القائمة على إرادة الشعب أو الأمة والمنظمة مؤسساتها بالعلوم ؛ فالدولة العلمانية الحديثة يفيد معناها سيادة الأمة على نفسها ووطنها.
لماذا نريد فصل الدين عن الدولة؟:
لأن خلط الدين بالدولة يسيء إلى الدين نفسه؛ والفصل بينهما ينزه الدين عن مفاسد الدولة وشوائبها ؛ ولأن الدين علاقة الإنسان بين الإنسان الفرد وخالقه ولا يتحمل الأفراد المؤمنون والأتقياء وزر أعمال دولتهم ومجتمعهم تجاه ربهم يوم الدين؛ وعالمنا العربي متعدد الأديان في كل دولهم؛ لذلك لا يمكن قيام دولة دينية لأن شعبنا ليس على دين واحد وقد ثبت بأن الدولة الدينية لم تكن الحل الدائم والمثالي.
وإن ارتباط الدولة بالدين يضيع استقلال البلاد وسيادتها لأن أي رجل دين يقف على رأس الدولة من اي مذهب سوف يتأثر بمراجعه الدينية ؛ لذلك فإن استقلال البلد وسيادته يقتضيان فصل الدين عن الدولة ومنع رجال الدين من تسلم قيادة البلاد..كما أن الخلافات التاريخية بين الأديان وضمن كل دين ومذهب تجعل من الضروري قيام الدولة المدنية والمجتمع المدني ، وكفانا ما شهده تاريخنا العربي من صراعات وحروب وثورات؛ وسقوط دول وقيام أخرى؛ وكلها تحكم باسم الدين وباسم الله ؛ فلنرفع الدين والله عن أمور الدولة والسياسة؛ ليبقى الدين منزها ومعصوما عن مفاسد الدولة وظلمها..
الدين والدولة:
لقد شهد تاريخ الإسلام والمسيحية دولا تقوم ثم تسقط وتزول بينما الدين لم يسقط ولم يتغير ولم يزل؛ وقامت دول إسلامية وحاربت بعضها وكذلك دول مسيحية؛ فهل هذا يجوز في الدين ؛ وأين هو الإسلام او المسيحية من دولتين إسلاميتين او مسيحيتين تتحاربان ؟ هل يجيز أي دين القتل والتدمير..
وهناك دول تعيث فسادا وتمارس الظلم ؛ فهل يكون الدين مسؤولا عن الفساد والظلم ؛ وهل يتحمل الدين مسؤولية فساد الدولة وظلمها؟
فإذا كام الإسلام دينا ودولة وفسدت الدولة وظلمت هل يفسد الدين ويظلم..
الدولة التي نتمنى؟
نريد دولة ديمقراطية مدنية ترتكز على أساس وحدة المجتمع والمساواة بين أبنائه ضمن رابطة القومية المجتمعية وتبطل تصنيف المواطنين على اساس دينهم أو لغتهم أو اعراقهم أو مناطقهم ؛ والجميع متساوون بالحقوق والواجبات أمام الدستور والقوانين المدنية؛ وتزول من المجتمع الحواجز التي تفرق بين المواطنين ولا يعود مسموحا تصنيف الشعب على اساس اقلية او اكثرية ..وتؤمن الدولة للمواطنين الضمانات كافة وكامل الحقوق والكرامة الإنسانيين؛ وتمنح الحريات الإنسانية الراقية واللائقة بالإنسان ؛ وأهمها حرية المعتقد والرأي وإنشاء المؤسسات والأحزاب  والجمعيات على قاعدة دستور البلاد والحرية الاقتصادية والعدالة الأجتماعية التي تحرر الإنسان من.عبودية رأس المال.. ومن الإستغلال الطبقي ؛ وتوزيع الثروة والناتج القومي توزيعا عادلا لكل المنتجين.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا ‏سيدة ‏الجمال ‏ ‏ ‏ ‏ ‏ ‏// ‏ ‏ ‏ ‏ ‏بقلم ‏الشاعر ‏لؤي ‏الشولي ‏

أيقونة الصباح // بقلم الشاعرة منيرة سلمان تفوح

ما حيلة المشتاقِ/بقلم الشاعر د علاء الدين آله رشي