(التجاعيد)بقلم:أ. أحمد انعنيعة

الأكاديمية السورية الدولية للثقافة والعلوم

التجاعيد 

 نظرت إلى المرآة .. اكتشفت أن لدي الكثير من التجاعيد .. ضحكت كثيرًا حتى بكيت .. إنها لا تكلف شيئًا ولكنها تنتج الكثير من الأحزان .. تثري من ينالها .. لها ذاكرة خالدة .. 

 التجاعيد هي ابتسامة الراحة للأرواح المتعبة ، وشجاعة لكل روح منكوبة ، وترياق حقيقي لما تخزنه الطبيعة من أحزان .. لا أحد يحتاج حقا إلى ابتسامة أكثر مما يعطي للآخرين .. كيف ذلك إذن :

_عندي تجاعيد لأن لدي أطفال ، وكنت قلقا عليهم منذ الولادة .. لكني ما زلت ابتسم لهم في كل اكتشاف جديد وأقضي كل الليالي في انتظارهم ..

_عند ي تجاعيد لأني بكيت من أجل أشخاص كنت قد أحببتهم ولكنهم غادروا ، لبرهة أو إلى الأبد دون أن أعرف السبب ..

_لي تجاعيد لأني قضيت ساعات بلا نوم في مشاريع جميلة لم تكن دائمًا ناجحة .. 

_لي تجاعيد لأني قرأت كتبا فيه أماكن جميلة وأفكار جديدة ولم أسافر إليها .. 

_لي تجاعيد فيها كل ابتساماتي وذهولي لأن فيها أماكن قديمة .. 

_نعم ، لي تجاعيد .. وفي كل أخدود على وجهي ، أخفي قصة أو عاطفة عشتها ..  فيها آثار عذاب لا تزول إلا إذا محوت نفسي ..

_لي تجاعيد كل الأضواء التي بلا شك سئمت الهاوية ونبتت على وجهي منذ النظرة الأولى .. لتطرد المرارة من فوهات براكيني لتعطيني بريق سحر مطيع لانعكاساته الأولى .. 

_لي تجاعيد تبدو كشرارات ضوء انقلبت أخيرا الى مظلة تقبل الماء الساقط من نهاية الأنفاق المظلمة .. وكل نقطة منها نجمة أهتدي بها في هذا الممرات اللانهائية لتحملني إلى رحلات أخرى لا أستطيع الهروب منها أو تطير بي إلى أحلام  لا يمكنني نسيانها .. 

_لي تجاعيد تنمو كوهم على موسيقى مبهرة تشعرني أن جزيرة الأمان بعيدة وأني في طور التواصل يوميا مع كواكب أخرى  تطلق النار على نفسي وأنا لست مسلحا إلا بريشة قصائدي فقط ..

_لي تجاعيد تبحث في أحشائي عن الممنوع في أفعالي وأنا مرتبك مكمم الوجه واقف في ساحة الأموات أنتظر تنفيذ حكم الإعدام .. إنها تجاعيد تدفعني إلى الانجراف لأني ألوم نفسي على أي إهانة خلف الأبواب المغلقة ..

_لي تجاعيد كثيرة لأنني قبلت الانصياع باكرا لقرارات حالات الانتحار منذ أن كنت صغيرا قاصرا .. إنها تجاعيد الحياة التي لا تستحق العيش لأنها تعج بألام شديدة في كل قول الحر .. 

هل تعلم ماذا سيحدث عندما تمر كل السنين؟ سترى الحب بعيون مختلفة .. وستقع في حب أرواح أناس آخرين ...

والواقع الحقيقي هو أن تحب كل لحظة حياة في كل مرة تجد نفسك في موقف لا تحسد عليه ..